اليوم نحتفل فى مصر بيوم الشهيد و الغريب لأول مرة فى عهد الرئيس محمد حسنى مبارك التليفزيون المصرى الرسمى يتذكر المناسبة فجأة بل و يجعل المذيعين يرتدون ورود حمراء كالانجليز عالعموم هذا شىء جيد و اتمنى ان يتذكروا هذا اليوم دائما.
على ايه حال النهاردة و انشا الله كل عام هأهدى وردة بلدى حمراء مصرية اصلية افتراضية لروح احد ابطالنا و شهدائنا التى لا تزال حية معنا
.
و بمناسبة اليوبيل الذهبى للوحدة بين مصر و سوريا سأهدى هذه الوردة البلدى الحمراء الاصلية لابن اللاذقية الذى ضحى يحياته من أجل المدينة الباسلة بورسعيد فى 1956 خلال العدوان الثلاثى جول جمال
ولد جول جمال فى مدينة اللاذقية الساحلية فى سوريا لأسرة مسيحية ارثودكسية فى الاول من ابريل عام 1939 م و كان والده يعمل كطبيب بيطرى و قد شارك الوالد فى المقاومة ضد الاحتلال الفرنسى و كان معروف انه كان من حفظة القران فلم يكن غريبا ان يشب ابنه على حب العروبة .
كان جول طالبا فى كلية الاداب فى الجامعة السورية عندما تركها فى ستبمر 1953 عندما ارسل فى بعثة عسكرية ضمن عشر طلاب سوريين للالتحاق بالكلية البحرية فى مصر و هكذا تحقق حلمه بان يصبح ضابط فى سلاح البحرية . و قد نال جول فى مايو 1956 شهادة البكالوريس فى الدراسات البحرية و كان ترتيبه الاول على الدفعة ليصير الملازم ثانى جول جمال و فى شهر يوليو من نفس العام فوجأ العالم كله بقرار الرئيس جمال عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس للملاحة كشركة مساهمة مصرية و بدأت بوادر عاصفة سياسية دبلوماسية سياسية غربية فى الهبوب لتتحول الى عاصفة حربية ضاربة سيناء قبل ان تعصف بمدن القناة و هى عاصفة العدوان الثلاثى انجلترا و فرنسا و الدولة الحديثة المزورعة فى قلب الوطن العربى اسرائيل .
لم يرحل جول و بقية افراد البعثة السورية من مصر بعد التخرج فى تلك الفترة لان مصر استوردت زوارق طوربيد حديثة و قد رات الحكومة السورية فى ذلك الوقت انه من الافضل ان يتم تدريب ضباطها على تلك الزوارق الحديثة . و ربما كان القدر يلعب لعبته ليكتب اسطورة جديدة بدأت فى ليلة الرابع من نوفمبر .
فى ليلة 4 نوفمبر فى منتصف الليل التقط جول و اقرانه بث فرنسى للسفينة الحربية جان بارت العملاقة اول سفينة مزودة بردار فى العالم و كانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطىء بورسعيد ان تدمر ما تبقى من المدينة التى كادت ان تكون مدينة اشباح بعد قصف سلاح الطيران الملكى و البحرية الملكى البريطانين
على الفور بلغ جول قائده جلال الدسوقى رحمه الله و اقترح ان يذهب فى دورية الى تلك المنطقة المحددة التى ستكون فيها السفينة و على عكس اللوائح التى تمنع خروج اى اجنبى فى دورية بحرية اعطه الدسوقى تصريح للخروج بعد اصرار جول ان فى وقت المعركة لا فرق بين مصرى او سورى و ان مصر كسوريا لا فرق بينهما.
فى تلك الليلة خرجت ثلاث زوارق طروبيد لمقابلة فخر البحرية الفرنسية و كانت مقابلة عكس كل التوقعات التى قد ترجح كفة السفينة العملاقة
فقد تصدت لها الثلاث زوراق فى معركة قل لما تحدث مثلها فى تاريخ المعركة البحرية
لم يدمر جول السفينة جان بارت و لم يقسمها الى نصفين كما هو شاع و لكن هو و رفاقه الشهداء الابرار اصابوها بالشلل مضحين بأغلى ما يملكون و هو ارواحهم من اجل بورسعيد من اجل مصر
مات جول جمال هو ورفاقه ليصبحوا شهداء
و يصبح ذاك الشاب السورى المسيحى سليمان الحلبى القرن العشرين و سخرية القدر ان من قتله الحلبى كان ايضا محتل فرنسى على ارض مصر
الاساطير الشعبية حول جول و ما فعله و التى جعلت من جان بارت جان دراك التى اصبحت تدرس فى كتب التاريخ الرسمية فى مصر فى المراحلة الثانوية هى من الحب و التقدير و ليست من الغش او اصطناع البطولات
فقد عاش عنترة بن شداد فى الجاهلية الا انه فى الحقيقة لم يحارب المئات لوحده و يقتلهم بضربة سيف واحدة من اجل عيون عبلة الا ان هذا لا يجعله فارس نبيل حارب عنصرية و جاهلية مجتمع اشد قوة من جيش من الوف مؤلفة و ان اشعاره لا تظل اجمل مل كتب فى الجاهلية
كرمت مصر و سوريا البطل لكن للاسف فى مصر قد انضم الى مجموعة من الابطال المنسين و الفضل فى الاعلام الرسمى الذى يعمل على تربية أجيال جاهلة بدون اى قدوة يسهل التحكم فيها 
فى 1960 تم انتاج فليم مصرى بأسم “عمالقة البحار” بطولة أحمد مظهر ,عبد المعنم ابراهيم و لاول مرة على شاشة السنيما نادية لطفى و قام بتمثيل دور جول ممثل سورى للاسف لا اتذكر اسمه . الفليم من اخراج سيد بدير و للاسف كان ملىء بالمغالطات التاريخية خاصة بما يتعلق بجول الا ان الفليم بوجه عام جميل جدا ” انا من معجبات الراحل أحمد مظهر”
يوجد شارع فى الدقى باسم جول جمال و يظن بعض سكانه ان جول كان يسكن فى هذه المنطقة
رحم الله الشهيد جول جمال الذى لا أعتبره سوريا فقط بل مصريا أكثر من بعض الاشخاص الذين و ولدوا على هذه الارض المبركة لأباء مصريين و قاموا بتدمير مصر اكثر مما كانت ستقوم تدمير جان بارت فى بورسعيد فى 1956
تحياتى الى جميع شهداء مصر و الوطن العربى